الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين (بالإنجليزية: DNA) (Deoxyribonucleic acid) ويعرف بالعربية الحَمْن أو الحمض المُزَدْأَن الرَّيْبِيّ النّوويّ[1] هو الحمض النووي الذي يحتوي على التعليمات الجينية التي تصف التطور البيولوجي للكائنات الحية ومعظم الفيروسات كما أنه يحوي التعليمات الوراثية اللازمة لأداء الوظائف الحيوية لكل الكائنات الحية.
يعتبر وسيلة التخزين الطويل الأجل للمعلومات الوراثية و هي الوظيفة الأساسية لجزيئات الدنا بالإضافة إلى أنه يمكن من خلال هذه الجزيئات الحصول على المعلومات اللازمة لبناء البروتينات و الحمض الريبي النووي (بالإنكليزية: RNA).
تسمى قطع الدنا (DNA) التي تحمل معلومات وراثية يمكن ترجمتها لبروتينات بالمورثات (بالإنكليزية: Genes). تتواجد بعض قطع الدنا لأغراض تركيبية و تنظيمية.
كيميائياً؛ يعتبر الدنا مكثوراً (عديد جزيئات) يتكون من وحدات بناء تسمى النيوكليوتيدات. و تتكون كل نيوكليوتيدة من ثلاثة جزيئات هي: سكر خماسي دي اوكسي ريبوز (سكر ريبي منقوص الأكسجين)، مجموعة فوسفات و قاعدة نيتروجينية (احدي قواعد البيورين أو البيريميدين) ويتم اتصال جزيئات السكر و الفوسفات بشكل متتابع لتكوين ما يعرف بهيكل سكر الفوسفات بحيث تتصل مجموعة الفوسفات بذرة الكربون 5 لسكر النيوكليوتيدة التي تتبع لهاعن طريق رابطة تساهمية وبذرة الكربون 3 لسكر النيوكليوتيدة التالية عن طريق رابطة استيرية و يتم ارتباط القواعد النيتروجينية على هيكل سكر الفوسفات عن طريق ارتباطها بذرة الكربون 1 على جزيء السكر المقابل. و يعطي تتابع القواعد النيتروجينية على طول هيكل سكر الفوسفات في جزيء الدنا أكواداً أو شفرات يمكن من خلالها تحديد تتابع الأحماض الأمينية للبروتين المقابل و يتم ذلك كما يلي: يتم نسخ جزيء رنا مقابل لجزيء الدنا المحتوي على كود البروتين في عملية تسمي بعملية النسخ (بالإنكليزية: Transcription) ويتم ترجمة الرماز إلى أحماض أمينية مقابلة خلال عملية الترجمة (بالإنكليزية: Translation) لتعطي البروتين المقابل. و ليس بالضرورة أن تتم ترجمة الشفرات إلى بروتين إذ أن بعض جزيئات الرنا تدخل في تركيبات مثل الريبوسومات (بالإنكليزية: Ribosomes) والاسبليسوسومات (بالإنكليزية: Spliceosomes).
ينتظم الدنا داخل الخلية في تركيبات تسمى (الأجسام الصبغية أو الكروموسومات ، و الكروموسومات في مجموعها تكون ما يعرف بالجينوم (بالإنكليزية: Genome) (المحتوي الجيني أو الصبغي للخلية). قبل انقسام الخلية تتضاعف الصبغيات فيما يعرف بتضاعف الدنا DNA Replication ويتم ذلك في كل من بدائيات النوى (بالإنكليزية: Prokaryotes) وفي حقيقيات النواة (بالإنكليزية: Eukaryotes لمحه تاريخيه
تعود أول ملاحظة للدنا في العلم الحديث للطبيب السويسري فريدريك ميسـشر في سنة 1869 عندما استطاع استخلاص مادة مجهرية من القيح و اسمها نووين (نيوكلين) بسبب و جودها داخل النواة. و في سنة 1929 استطاع فيبي ليفني من اكتشاف مكونات الوحدة الأساسية للدنا و هي النوويدات و بين أن الدنا ما هو إلا تكرار لهذه الوحدة.
في سنة 1943 أجرى أوزوالد أفري تجربة بمزج بكتيريا نيموكوكس (الاسم العلمي: Pneumococcus ) ميتة و تحمل خاصية السطح الناعم مع بكتيريا حية من نفس النوع و لكنها ذات سطح خشن. نتائج التجربة كانت انتقال خاصية السطح الخشن إلى البكتيريا ذات السطح الناعم. و سمي الدنا بالعامل الناقل.
و في سنة 1953 و بالاعتماد على الصور السينية المأخوذة بواسطة روزاليند فرانكلين و المعلومات المتوفرة عن القواعد و طريقة ارتباطها ببعضها، طرح كل من جيمس واتسون و فرانسيس كريك نموذجهما (اللولبي المزدوج)و نشروا تجاربهم في مجلة الطبيعة. و في سنة 1957 وضح كريك العقيدة الأساسية لعلم الأحياء الجزيئي و وضح العلاقة ما بين الدنا و الرنا و البروتينات. وبين كريك لاحقا أن الكودونات تتكون من 3 قواعد مما ساعد علماء آخرين على فك الشيفرة الوراثية و تحديد الكودونات المشفرة للأحماض الأمينية. و في سنة 1958 أوضح العالمان ميليسون و ستال طريقة تناسخ الدنا و وصفاها بالشبه محافظة. حصل واتسون و كريك و موريس على جائزة نوبل في الطب لاكتشافاتهم في هذا الحقل في سنة 1962.
________________________________________
الخواص الفيزيائية والكيميائية
يعتبر الدنا عديد جزيئات مكثوراً (بوليمر) طويلاً مكون من وحدات متكررة تعرف بالنيوكليوتيدات (بالإنكليزية: Nucleotides) حيث يبلغ عرض سلسلة الدنا من 22 إلى 26 انغستروم وطول النيوكليوتيدة الواحدة 3.3 انغستروم . ولكن بالرغم من أن كل نيوكليوتيدة صغيرة جداً في الحجم إلا أن مكاثير الدنا يمكنها تشكيل جزيئات ضخمة تحتوي على ملايين النيوكليوتيدات فمثلاً يبلغ طول الصبغي رقم 1 (أكبر كروموسوم بشري) حوالي 220 مليون قاعدة مزدوجة.
مكونات الدنا (DNA)
يتكون الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين من سلسلتين متوازيتين تنتظمان على هيئة سلم ملتف لولبيا (Double Helix). يتكون جانبا السلم اللولبي من تعاقب السكر خماسي وقاعدة الفوسفات بينما تتصل القواعد النيتروجينية من الداخل. تتكون الوحدة الأساسية لبناء جزيئة الدنا، والتي تسمى بالنيوكليوتيد من ثلاثة أجزاء، وهي:
1. السكرالخماسي (ريبوز) منقوص الأكسجين
2. مجموعة فوسفات.
3. قاعدة (تخزن المعلومات في الدنا باستخدام هذه القواعد) وهي من نوعان:
1. اثنتان من البيورينات (Purines) وهما
1. أدينين Adenine وتختصر A
2. غوانين Guanine وتختصر G
2. اثنتان من البايريميدينات (Pyrimidines) وهما
1. الثايمين Thymine وتختصر T
2. السايتوسين Cytosine وتختصر C
ترتبط جزيئات السكر في الدنا برابطة فوسفاتية (بالإنكليزية: Phosphodiester Bond) في كل من ذرات الكربون الثالثة و الخامسة، بينما ترتبط القاعدة النيتروجينية بذرة الكربون الأولى للسكر الخماسي. ترتبط القواعد ببعضها برابطة هيدروجينية (بالإنكليزية: Hydrogen Bond). ترتبط القواعد مع بعضها بشكل منظم بحيث ترتبط القاعدة أدينين مع القاعدة ثايمين في السلسلة المقابلة برابطة هيدروجينية ثنائية، بينما يرتبط الكوانين مع السايتوسين برابطة هيدروجينية ثلاثية.
تسمى أحد سلسلتي الدنا بالنهاية الخامسة (و يرمز لها ’5)وذلك لعدم ارتباط ذرة الكربون الخامسة بسكر خماسي بينما السلسلة الأخرى تسمى بالنهاية الثالثة (’3) ولنفس السبب السابق. وتلتقي السلسلتان بشكل متواز و عكسي (بالإنكليزية: Antiparallel)، بحيث أن ’5 يقابلها على السلسلة المتوازية ’3.
يلتف الدنا (DNA) حول نفسه التفافاً لولبياً و هو ما يعرف باسم الالتفاف المفرط و قد يكون هذا الالتفاف بنفس اتجاه التفاف سلسلتي الدنا مما يجعل القواعد قريبة من بعضها بشكل كبير و يسمى التفافاً مفرطاً إيجابياً. أما إذا كان هذا الالتفاف بعكس اتجاه التفاف سلسلتي الدنا فيسمى التفافاً مفرطاً سلبياً و تكون القواعد متباعدة عن بعضها و معظم الخلايا تظهر هذا النوع من الالتفاف المفرط.