مياه الرى Irrigation water
.
لولا الماء ما وجدت الحياة.. وهذا يكفى .. وحول الماء العذب تنشا الحضارات وتزدهر بمقدار وفرته وطريقة الحصول عليه . والرى هو اكبر مستهلك للمياه ومن المتوقع ان يزداد معدل الرى بحوالى 20% بحلول عام 2020 . وتعتبر مياه النيل هى المصدر الرئيسى للرى على امتداد الوادى والدلتا الا ان هذه المياه السطحية غير متوفرة فى المناطق الصحراوية التى زحف عليها العمران والتنمية
وتعتبر مياه الابارهى المصدر الرئيسى فى الرى فى مشاريع الزراعات الصحراوية ويتطلب الحصول عليها صرف المزيد من المال والوقت فى انشاء البئر . وتستعمل الابار منذ القدم للحصول على المياه المنتشرة فى عديد من طبقات الارض التحت سطحية . فاذا كانت المياه متجمعة من رشح القنوات والترع فان البئر هنا يسمى بئرا سطحيا وهى المنتشرة عندنا فى جميع مناطق الوادى والدلتا مثل طلمبات المنازل التى تستعمل للشرب . اما اذا كانت المياه الجوفية تجرى فى الخزان الجوفى لطبقات الرمل والحصى العميقة فان سحب هذه المياه لايتم الا من خلال الابار العميقة
وقد توجد المياه الجوفية محصورة فى الخزان الجوفى بين طبقتين غير منفذتين مما يولد نوعا من الضغط على هذه المياه المحصورة يكون اكبر من الضغط الجوى ويتم سحب هذه المياه من خلال الابار التى تسمى الارتوازية وذلك نسبة الى بلدة أرتواز بفرنسا حيث كان اول استعمال لهذه الابار وهذا النوع يوجد عندنا فى منطقة الواحات .
والكرة الارضية التى نعيش عليها تمتد لتصل مساحتها الى 500 مليون كيلو متر مربع وتغطى المياه ثلاثة ارباعها ورغم هذا فدائما يقال ان المياه فى كل مكان ..ولكنها ... ليست دائما كافية فى المكان المطلوب .. كما انها دائما ليست ذات نوعية مناسبة .
والاطار العام لتقسيم المياه من حيث نوعيتها دعنا نتفق عليه و يكون كالتالى:
1-مياه عذبة Fresh water لايتعدى تركيز الاملاح بها 2 جرام/لتر
واعذب مصادر هذا القسم هو ماء المطر وماينشأ عنها من انهار وبحيرات عذبة ومياه جوفية . كل هذه مياه عذبة صالحة للشرب ، والقاعدة العامة انه ما يصلح للانسان يصلح لباقى الكائنات من نبات او حيوان.
2- مياه مملحة Brackish water تركيز الاملاح بها فى حدود 5 جرام/لتر
ومياه هذا القسم تعتبر وسط بين المياه العذبة والمياه الملحية
.3- مياه ملحية Saline water تركيز الاملاح بها اكبر من 5 جرام/لتر
ومياه هذا القسم اقل ملوحة بها هى 5 جرام/لتر وهذه توجد فى بعض الخزانات الجوفية المحصورة والبحيرات الداخلية والبرك . ويشمل هذه القسم ايضا مياه البحار والمحيطات حيث تصل نسبة الاملاح بها الى 35 جرام/لتر فى البحر الابيض ، و40 جرام/لتر فى البحر الاحمر وقد يصل التركيز الى اعلى من ذلك فى الملاحات.
ويوجد الملح فى مياه البحار والمحيطات كمادة حافظة وبنسبة مقدرة ومحددة ولولا وجود هذا الملح لفسد الماء فى البحار (مصدر كل المياه العذبة) وفسدت بفساده الحياه كلها . سبحان الله.. اعلم ان الله على كل شىء قدير.
وننتقل لعامل هام وهو
صلاحية المياه للرى Suitability of irrigation water
ان تقييم مياه الرى لابد ان يتم من خلال المنطق العلمى على انه وحدة متكاملة One package مع التربة والنبات والمناخ وحالة الصرف وكل عامل من هذه العوامل يشتمل على عدد من المتغيرات ، فمثلا عامل التربة يوجد منها انواع اولها التربة الصحراوية الخفيفة التى تتكون فى غالبيتها من الرمل و الحصى وحالة الصرف بها اكثر من ممتازة لذلك يمكن ان تروى بالمياه المملحة او الملحية دون ان تسبب ملوحة بالتربة فمن المعروف انه لاكثر من 2000 سنة يستعمل المزارعون فى شمال افريقيا والجزيرة العربية المياه الجوفية التى تصل ملوحتها الى 7000 جزء فى المليون لرى هذه المناطق الرملية دون ان تسبب ملوحة او تدهور فى التربة
وعلى العكس تماما نجد ان الرى بمياه النيل التى هى غاية فى العذوبة (300 جزء فى المليون) فى اراضى الوادى والدلتا الغير خفيفة القوام عموما يؤدى الى ظهور الملوحة الثانوية Secondary Salinization بالتربة .
لان التاثير الكيميائى والنهائى لمياه الرى على التربة يعتمد على ما اذا كان سوف يتم التخلص من جزء من المياه بالصرف الطبيعى او الصناعى ، ام سوف يتبخر كله ثانية وفى هذه الحالة يتراكم بالتربة كل الاملاح التى كانت ذائبة فى مياه الرى لذلك فان الاراضى الرملية تعتبر مناسبة تماما للرى بمياه مملحة نظرا لانها تتمتع بامكانية غسيل وصرف جيد والعكس تماما فى الاراضى الثقيلة .
وكقاعدة عامة فان تركيز المحلول الارضى للتربة المروية دائما اعلى من تركيز اى مياه للرى تروى بها نفس التربة ويدل هذا على انه يصحب كل رية عملية تخفيف مؤقتة لمحلول التربة تزول تدريجيا كلما اقتربنا من الرية التالية (وهى اصعب فترة على النبات) . ومن هنا كانت الزراعات الناجحة فى الاراضى الرملية باستعمال مياه رى مملحة brackish water مع تقصير الفترة بين الريات وفى نفس الوقت زراعة النباتات او المحاصيل الغير حساسة للملوحة .
ولقد اقترحت عدة نظم وتقسيمات مختلفة لتقييم صلاحية مياه الرى مثل تقسيم معهد الملوحة الامريكى سنة 1954 ودونان سنة 1967 وايرودسكو سنة 1976 وغيرها ، وتبنى هذه النظم والتقسيمات على مجموعة من المقاييس المختارة من حيث :
المحتوى الكلى من الاملاح الذائبة
ويقاس التركيز الكلى للاملاح بالجزء فى المليون.اى جزء لكل مليون جزء (ملليجرام/لتر)او(جم/م3) .... المعنى كله واحد
او تقاس بدرجة التوصيل الكهربى للمياه والتى تعرف ب EC وهى والتى كلما زادت درجة التوصيل الكهربى للمياه دل ذلك على احتوائها على نسبة كبيرة من الاملاح الذائبة بها والعكس.
هذا ويعتبر التركيز الكلى للاملاح الذائبة فى المياه اهم مقياس فردى يمكن الاستعانة به لمعرفة نوعية المياه وترجع اهمية هذا المقياس الى ان النباتات النامية تتاثر بدرجة كبيرة بالتركيز الكلى للاملاح وما ينتج عنه من زيادة الضغط الاسموزى للمياه مما يرغم النبات على بذل مجهود اكبر لامتصاص المحلول الارضى
القيمة النسبية لكاتيون الصوديوم بالنسبة للكاتيونات الاخرى SAR
توجد حالة من الاتزان بين الصوديوم الذائب فى مياه الرى وبالتالى المحلول الارضى وبين الصوديوم المتبادل على غرويات التربة او حبيبات التربة ومن هنا تكمن خطورة الصوديوم عندما يرتفع تركيزه فى المحلول الارضى فيؤثر على الصوديوم المتبادل بالزيادة مما يؤدى الى هدم مجمعات التربة Soil aggregates وتفريقها.وترجع هذه الخطورة للصوديوم لانه كاتيون عالى الذوبان لذلك عند تواجده فى الوسط يرتفع تركيزه لان ذوبانه عالى .واى عنصر عالى الذوبان عند وجوده يزداد تركيزه ويسبب مشاكل فى الوسط الموجود به كالنترات مثلا التى اذا زادت كميتها فانها تفقد سريعا مع مياه الصرف وتسبب تلوث للمياه الجوفية وكذلك الكلوريد الذى يسبب مشاكل كثيرة ايضا عند وجودة بكمية عالية ولذا لاينصح باستخدام سماد كلوريد البوتاسيوم تحت ظروف الاراضى المصرية.
القيمة النسبية للكربونات المتبقية RSC
المحتوى الكلى من العناصر الدقيقة والتى قد تكون سامة للنبات اوالانسان مثل البورون B واليثيوم Li والفلورين F .
العكارة Turbidity ويقصد بها عدم شفافية المياه نتيجة لوجود بعض المواد الصلبة مثل حبيبات الرمل والسلت والطين او المواد العضوية المختلفة وينتج عن هذه المواد تلف للطلمبات او انسداد لشبكات الرى بالتنقيط .. وقد ادخل هذا العامل نظرا لتطور تكنولوجيا الرى.
الكائنات المرضية Pathogenic organisms عند استعمال مياه الصرف الصحى (المجارى) للرى سواء بطريقة مباشرة او بعد خلطها بالمياه السطحية بدون معالجتها تحت اشراف الجهات الصحية .
ويبقى السؤال بعد ان استعرضنا المعايير او المقاييس المتبعة فى تقدير صلاحية المياه للرى .. وهو.. كيف يمكننا التغلب على هذه المشاكل
نقول تحت هذه الظروف فانه يمكننا الوصول الى الانتاج الاقتصادى مع احتمال زيادته باتباع التقنينات الاتيه
1-تحسين نسبة الصوديوم والبيكربونات باستخدام الجبس
وهذا الاجراء يؤدى الى تخفيف التاثير الضار للاملاح فى مياه الرى نظرا لقلة محتواها من الكالسيوم . ويعتبر الجبس الزراعى Ca SO4.2H2o من افضل المصادر الرخيصة تحت ظروفنا علاوة على معدلات ذوبانه المتوسطة (0,2%) مما يشجع على اضافته بصورة متكررة مع مياه الرى .
لكن كيف نضيف الجبس لمياه الرى
يحسب اولا كمية الجبس المطلوب اضافتها على اساس ان الوزن المكافىء للجبس
(40+32+64+4+32)/ 2= 86
فاذا لزم اضافة 1 ميللمكافىء /لتر من الكالسيوم فانها توجد فى 086, جرام من الجبس ذو النقاوة 100%
اى 0,086 كيلو جبس لكل م3 من مياه الرى (86 جرام جبس لكل م3 من المياه
ثم يكمل الحساب بعد ذلك على اساس كمية الكالسيوم المطلوب اضافتها مع كمية مياه الرى للمحصول النامى .. بمعنى المحصول ياخذ كام متر مكعب فى الرية ويضاف لكل مترمكعب من المياه 86 جم جبس .. اعتقد ليست صعبة
ناتى لملحوظة هامه وهى انه اذا وضعت كمية الجبس بين مدخل ومخرج المياه فى اجولة منفذة فانها لاتذوب بطريقة متجانسة مع مرور الوقت كما ان اغلبها يتراكم عند مدخل المياه فى الحقل مكونا حبيبات كبيرة من مسحوق الجبس الذى ذاب فى المياه لكن يمكن التغلب على ذلك باضافة محلول الجبس المشبع (بعد تجهيزه فى خزان مستقل بواسطة التقليب الميكاتيكى) الى تيار مياه الرى بتركيز ثابت عند معدلات محددة .
ايضا يمكن خفض ملوحة مياه الرى اذا توفر مصدر اخر للمياه العذبة فى نفس المنطقة عن طريق خلط العذب بالمالح وبالنسب المطلوبة (1:1 او 1:2 مثلا) ويمكن بذلك الحصول على المياه ذات النوعية الافضل .
2-اختيار المحاصيل الاقتصادية المقاومة للملوحة
وذلك باختيار المحاصيل الغير حساسة للملوحة وعلى سبيل المثال وليس الحصر الشعير والزيتون والنخيل .
3-العناية التامة بالتسميد
للاسمدة النتروجينية والبوتاسية التى تضاف مع مياه الرى تاثيرمفيدا وايجابيا كما يحدث عند استخدامها فى الرى بالرش والتنقيط فهى تخفف كثيرا من التاثير الضار للاملاح على النبات لكن للاسف لم يدخل هذا العامل الهام فى اى تقييم لصلاحية مياه الرى .
4-اختيار نظام الرى المناسب مع المحافظة تماما على الميزان المائى الملحى حدود ملوحة المياه فى الرى بالرش يجب الا تتعدى 1500 جزء فى المليون حتى لاتؤدى الى حرق الاوراق نتيجة للرش بمحلول اكثر ملوحة .. اى ان 1500 جزء فى المليون هى الحد الحرج او العتبة التى لايمكن ان نتخطاها باستخدام الرى بالرش وهنا عند هذا التركيز او بعده يصبح الرى بالتنقيط هو الاكثر ملائمة عندما تكون المياه الملحية هى الوحيدة المتوفرة فى المنطقة فلا تعوق الملوحة الزائدة عملية امتصاص النبات لاحتياجاته المائية طالما كانت منطقة الجذور رطبة دائما لاستمرار التنقيط بحيث لاتقل رطوبة التربة عن 75% فى هذه المنطقة من سعتها الحقلية
5-ادارة علمية متخصصة للمزرعة
لاشك ان الادارة الناجحة تستطيع ان تنجز المهام الموكلة اليها بنجاح وبالتالى نجاح المشروع والذى يترتب عليه التنمية المستدامة للمزرعة وزيادة العائد على المصروفات (Habib, I,.1992).
والله ولى التوفيق
.
ا.